يعرف المسلم أن العبادة في التصور الإسلامي هي مفهوم شامل؛ يغطي ويستوعب كل مظاهر الحياة؛ انطلاقاً من قول الله عز وجل: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. ولكن هذه المعرفة –للأسف- لا تنعكس على كافة أعمال المسلم؛ الذي يصيب أحيانا ويخطئ أحايين كثيرة؛ ويضل عن الهدف الأساسي الذي خلق له، ويجري وراء أهداف فرعية، لا تقيم عماد الدين.
لذلك نطلب من الله الهداية الحق في كل صلاة. فيكرر المسلم هذا الدعاء المبارك في كل صلاة: {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}. وهنا يأتي تذكير رباني للمسلم بأن الإسلام يحتاج لهدى وصلاة وتدبر؛ وليس فقط شهادة لسانية. فتؤكد هذه الآية على أن الهداية للحق شيء، والمضي والثبات على تلك الهداية شيء آخر.
وعندما نردد: {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}؛ إنما نطلب الثبات على الهداية، والاستمرار عليها، وعدم الحيدة عنها، والتمسك بها، بل والذود عنها؛ لأن معترك الحياة والعيش بهذه المعاني بحق، ليس بالأمر إلهين، ولا هو بسهل التحصيل، ولا يُنال بترديد آيات دون الوعي بمقتضياتها.